(احسان الظن بالله مهما كثرت الزنوب مع وجوب الخوف من عذاب الله)
نتحدث عن وصية للرسول صلى الله عية وسلم وهى وصية للامة كلها ولو عملت بها الامة لاصبحنا قادة العالم كله كما كان الحال فى عهد الرسول صلى الله علية وسلم وفى عهد السلف الصالح والصحابة .والوصية هى احسان الظن بالله مهما كثرت الذنوب مع وجوب الخوف من عذاب الله.
-عن جابر رضى الله عنه انه سمع النبى صلى الله علية وسلم يقول "لا تموتن احدكم الا وهو يحسن الظن بالله عز وجل" (رواه مسلم وابو داود)
فمن الخير ان تكون اخا الاسلام محسن الظن بالله مهما كثرت اخطاؤك ما دمت قد تبت الى لله سبحانة وتعالى وندمت على ما فعلت ويقول المولى عز وجل ترغيبا للمؤمنين فى كتابه العزيز
:"قل يا عبادى الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ,ان لله يغفر الذنوب جميعا انه الغفور الرحيم
فقد روى ان سبب نزول هذة الاية :ان قوما قالوا :يا رسول لله يغفر لنا ربنا ان اسلمنا على ما كان منا من الكفر والقتل وغيره ,فنزلت هذة الاية الكريمة.
ولكن لابد ان يكون مع احسان الظن بالله خوف من لله والا تكون الطمانينة مع ترك الطاعات والاصرار على المعصية غرور بالله عز وجل وقد نهى لله عن ذلك فى قوله (ولا يغرنك بالله الغرور)
وقد وصف لله عز وجل الراجين رحمة الله بالمعنى الحقيقى فقال عز وجل متحدثا عنهم باهم الاعمال التى يرجون بها رحمة الله تعالى "ان الذين يتلون كتاب الله واقوموا الصلاة وانفقوا مما رزقانهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور"
كما ذم المولى عز وجل من انقطع رجاءه من فضل الله تعالى قال "انه لا يياس من روح الله الا القوم الكافرون".
وابين لك اخى المسلم بعض الاحاديث النبوية الشريفة حتى تكون من الذين يرجون تجارة لن تبور ولا تكون من الذين ذمهم الله تعالى فى كتابه العزيز :عن ابى هريرة رضى الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله علية وسلم :والذى نفسى بيده لو لم تتوبوا وتستغفروا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم"
وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لما خلق الله الخلق كتب فى كتاب فهو عنده فوق العرش "ان رحمتى غلبت غضبى " وفى رواية "سبقت غضبى"
وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال :سمعت رسول الله صلى الله علية وسلم يقول "يدنى اى يقترب المؤمن يوم القيامة من ربه حتى يضع كنفه –اى ستره ورحمته علية فيقرره بذنوبة فيقول اتعرف ذنب كذا ؟ اتعرف ذنب كذا ؟ فيقول : رب ..اعرف .قال :فانى قد سترتها عليك فى الدنيا وانا اغفرها لك اليوم فيعطى صحيفه حسناته "
وليس معنى هذا ان تتكل على رحمة الله وكرمه دون عمل فقد ورد فى الحديث القدسى " ما اقل حياء من يطمه فى جنتى بغير عمل ,كيف اجود برحمتى على من بخل بطاعتى "
-ولهذا قال الله عز وجل فى كتابه العزيز "وحمتى وسعت كل شى "فساكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم باياتنا يومنؤن عند اذن عرف ابليس انه مطرود من رحمة الله اذن فرحمة الله واسعة ولكن هناك شرط اساسى حتى تكتب لنا رحمة الله عز وجل وهو التقوى والايمان بايات الله فلا يصح ان نحسن الظن بالله دون احسان العمل لابد ان يتوافر هذان الشرطان معا.
-ومادمنا فى هذة الدنيا فنحن فى دار الابتلاء حتى الموت وفى هذا يقول احدهم :
انى ابتليت باربع ما سلطوا : الا لشدة شقونى و عنائى
ابليس والدنيا ونفسى والهوى : كيف الخلاص وكلهم اعدائى
-وكان معظم الانباء والمرسلين يخافون ربهم ةيتقربون الى الله عز وجل بالطاعات والاعمال الصالحة وكان المصطفى صلى الله علية وسلم وهوالذى غفر له ماتقدم من ذنبة وما تاخر يقوم من الليل حتى تورمت قدماه .
-وكان سيدنا عمر رضى الله عنه (الفاروق) وكلنا نعلم من هو سيدنا عمر كان دائم البكاء خشية وخوف من الله وذات مرة قرأ سيدنا عمر رضى الله عنه قوله تعالى " اذا الشمس كورت" حتى وصل الى قوله تعالى " واذا الصحف نشرت " وقع مغشيا علية , وسمع مرة اخرى قارئا يقرا فى صورة الطور فلما وصل الى قوله تعالى"ان عذاب ربك لواقع ,ماله من دافع "اسند الى الحائط ساعة وذهب الى منزله فمرض شهرا والناس لا يدورن ما سبب مرضه .
فاذا كان هذا حال النبياء والصحابة فى خوف من الله فما حالنا وما بالنا نحن فلابد لنا من وقفة مع النفس نصحح فيها اوضاعنا مع الله ونصطلح فيها مع الله ونجدد العهد مع الله.
ويقول المام النووى فى رياض الصالحين " واعلم :"ان المختار للعبد فى حال صحته ان يكون خائفا راجيا ويكون خوفه ورجاءة سواء , وفى حال المرض بمحض الرجاء".
وقواعد الشرع من نصوص الكتاب تتظاهرة فى تلك الايات :
قال :"انه لا يياس من روح الله الا القوم الخاسرون ".
وقال "يوم تبيض وجوه وتسود وجوه"
وقال "ان ربك السريع العقاب ,وانه لغفور رحيم"
قال " ان الابرار لفى نعيم وان الفجار لفى جحيم"
وقال " فأما من ثقلت موازينه فهو فى عيشة راضية . واما من خفت موازينه .فامه هاوية ".
وهذة الايات جامعة لمعنى الخوف والرجاء فى وقت واحد.
وأختم بهذا الحديث القدسى الذى يحدثنا الله سبحانه وتعالى فية عن القضية الكبرى التى بينه وبين عبادة من الجن والانس فيقول:
"انى والجن والانس فى نبا عظيم :اخلق ويعبد غيرى وارزق ويشكر سواى خيرى الى العباد نازل وشرهم الى صاعد اتقرب اليهم بنعمتى وانا الغنى عنهم ويتبغضون الى بالمعاصى وهم افقر شى الى من اقبل الى تلقيته من بعيد ومن اعرض عنى ناديته من قريب فانى احب التوابين واحب المتطهرين اهل ذكرى اهل مجالستى واهل طاعتى اهل مغفرتى واهل معصيتى لا اقنطهم من رحمتى فان تابوا الى فانا حبيبهم وان اعرضوا عنى فانا طبيبهم ابتليهم بالمصائب لاطهرهم من المعائب الحسنة عندى بعشرة امثالها والسيئة عندى بواحدة ومن استغفرها غفرتها له وانا ارحم على عبادى من الوالدة على ولادها ".
فيجب علينا ان يجتمع فى قلوبنا احسان الظن بالله حتى نحسن العمل واحسان الخوف والرجاء من الله حتى تدخل فى رحمة الله .
وهذا ما اعلمه فأن كان نقص فمنى ومن الشيطان وان كان احسان فمن الله المنان واسال الله أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا .[img][/img]